القائمة الرئيسية

الصفحات

 سلام أم وداع 

و في أواخر الليل تراودك شهوة جامحة للكتابة. تراقص الأفكار الحروف و تغازلها بشاعرية. يعزف قلبك لحنه الشجي على أوتاره البالية ثم يهمس لك برفق لتخليد حكاية حب أنارت مجرى التاريخ. 

و في محاولة بائسة لتجاهله تتلوى في فراشك و  تتقلب 

ثم  تشد الغطاء نحوك. ينقلب الهمس إلى نداء استغاثة

 و تتحول الألحان الهادئة إلى معارك ثائرة. تراودك الآلام فتودع دفئ سريرك. فقد حان الآن أذان صلاة روحك. 

تذهب لممارسة شعائر مقدسة كدت تعتزلها. تجده في انتظارك بابتسامة جوفاء تعلو محياه، لعلها توحي باحتقار أو بانتصار.

لم تلق  له بالا   فخطوات الرقصة شغلت فؤادك ، تخاف أن تنسى تفاصيلها فتكون فريسة  العجز....

تفصلك عن كنيستك بعض الوريقات المهمشة. منعك كبريائك من الالتفات إليها. تلقي نظرة خاطفة فتجد كلمات يتيمة متقطعة. فشل الحرير الشفاف و المساحيق الثقيلة في إخفاء حزنها الدفين ....هي مجرد آلام عجزت عن البوح بها. ففاز الفراغ و بقيت أشواكها متناثرة هنا و هناك.

و تبلغ أخيرا حدود صفحتك بعد رحلة طويلة أُريقت فيها ذكريات كثيرة...

تشفق عليها فتلملم كل أشلاء الحنان المتبقية داخلك، تبتسم لها برفق و تعتذر مسبقا عن تشويهها بخيباتك و أشجانك.

و تراودك الحيرة....

كيف ستبدأ نصك؟

أبسلام أم بوداع؟

تكتب بوجل" تحية طيبة للمقربين اما بعد ... "وما تلبث أن تشطبها بحسرة

فمن هم المقربون؟ والكل هجرك حتى الشتاء "سافر من غير وداع"

تركك وحيدا في ليال مارس تسامر الألم على ألحان الصقيع المعزوف  داخلك. مستئنسا بريح مباغتة  أو بمطر مفاجئ أوائل الفجر. ملتجئا  إلى العتمة  التي نجحت في إخفاء ربيعا فاجأكَ و آلمك.فالجو داخلك مازال قارسا ،حتى الياسمين هناك لم يتفتح بعد... لعله ذبل قبل أوانه، لعل الأشواك دمرته.

و تقف كالعادة في منتصف الطريق ،مشتتا بين رغبة في التهرب و شهوة جارفة للكتابة. بين ربيع حل دون سابق إنذار و شتاء مرعب تغلغل في خباياك ....

و يوشك الفجر أن يطلع . و أنت مازلت حائرا كيف تبدأ نصك  أبسلام ام بوداع؟

كيف سيفهم قلبك الفتي كل هذه الحقائق؟

متى سيتوقف عن نداء الاستغاثة المستمر؟

هو مازال جاهلا و أنا مازلت عاجزا فليغفر لي و سأغفر له.

  و مع حلول الفجر تسكب قطرات من نبيذك الفرنسي على تلك الصفحة الحائرة، تمزجها برشة من عطرك القديم و تتسرب إليهم جرعة من دمك المراق

#انتماء_للثقافة_والأدب

تعليقات

التنقل السريع