القائمة الرئيسية

الصفحات

كارين عيسى ابراهيم/ليلة البارحة

ليلة البارحة

ليلةَ البارحة راودني حُلمٌ غريبٌ، 

أنا لم أكن إنسانةً مِن لَحمٍ و دِماءٍ، كانتْ صورتي تَنعكسُ في غُرفةٍ مليئةٍ بالمرايا، وكُنتُ أُشبِهُ وحوشَ الخُرافاتِ والوحوشَ التي يُخيفُ الآباءُ أطفالهم بِها.

كانَ عظمُ جُمجُمتي ظاهراً، شعري أسودُ طويلٌ محروقٌ من نهايتهِ، عيناي جاحِظتانِ وفمي يَسيلُ اللعاب مِنهُ؛ نَحيلةٌ كثيراً، ولا أعضاءَ أُميزُ بِها جِنسي. 

استيقظتُ خائفةً مَرعوبةً، أتّلمسُ وجهي وشعري؛ و بِكلِّ فَزعٍ حاولتُ النظرَ لمرآةِ غُرفتي وإذ بي أرى ما حَلمتُ بهِ واقفاً خَلفي، حدّقَ بي قليلاً ثُمَّ هَمس في أُذني 

" أنا هو أنتِ، أنا بِداخلك دوماً مهما حاولتِ الهربَ، أنا حَقيقتُكِ الوحيدة وأنتِ لستِ إلاّ بوحشٍ بمنظرٍ لطيف. " 

واختفى. 

بَعدَ مُدةٍ لا تَكفي لِنسيانِ ما رأيت، أصبحتُ متأكدةً أنّ الوحشَ الذي هاجمني ليلةَ أمسٍ لم يَكُنْ بِخُرافةٍ،

لقدَ كانَ كُلّ الإهاناتِ والكلماتِ الجارحة التي وجهتها لي والدتي

"فاشلة، وحيدة، بائسة، عاهرة، لا نفعَ لكِ بشيء .." 

صدى صوتها وهي تُرددُ هذهِ الكلمات يَترددُ يومياً في قلبي، يَنزِفُ كحولاً فوق دمائي. 

كانَ أيضاً كُلّ مَن قارنتني بِهم يوماً، 

تِلكَ التي تَدرسُ كثيراً، وابنةُ صديقتها المُتدينةِ

نَظرتُها على أنّي دوماً أقلُّ مِنَ الجميعِ كانت كمن يَعاقبُ سجيناً عجوزاً ضاعَ عُمرهُ بينَ القضبانِ بالحُرية. 

الوحشُ الذي بِداخلي، حقيقتي الوحيدة 

هي كُلُّ دموعي التي سالت ليلاً لِسماعي شَتائمَ والدي وضربهُ القاسّي لوالدتي، وكُلُّ الشتائم التي قَتلَ بِها أُختي الكُبرى وأبكاها. 

الوحشُ يَكبّرُ بِداخلي بِشكلٍ سيءٍ و سريعٍ

أنا خائفة، من نفسي 

ومِنَ الوحش.

#انتماء_للثقافة_والأدب



تعليقات

التنقل السريع