ساعة لندن(ليلاس سحلول) سورية

|| ساعة لندن ||

في تلك الليلة أخبرها جوريس أنَّه سيبقى معها حتى تصلح تلك الساعة المعلَّقة في منتصف ساحة لندن والتي تجمّدت عقاربها في تمام الساعة السادسة ....

مضى وقت طويلٌ ....طويلٌ جداً..

 حتى نمت طحالبٌ على زوايا تلك الساعة التي يصلح القول أنها أضحت عتيقة ....  بائعة الورود الصغيرة  التي كانت تتجوَّل في المدينة  أصبحت في ريعان  شبابها تعود للتجوَّل في  المكان  ذاته تسترجع ذكرياتها القاسية ، ولكن هذه المرة بحوزتها ثمرة تعبها وشقائها ... شهادة تخرّجها ...

ذاك العجوز الذي اعتاد الجلوس على مقاعد  الحديقة عانقت روحه السَّماء، أما بائع الحلوى ذو العربة الصغيرة  أصبح مالكاً  لمتجر كبير ذو سُمعةٍ هائلة  .. مضت السنوات والكثير من التغيّرات أصابت مدينة الضباب...

ولكن جوريُس لم يعد هنا ...

توفي الساعة السادسة إثر جرعة زائدة من الطبيب المعالج لمرضه، كان خطأ طبِّياً فادحاً أودى  بمقتل روحين ... 

لهذه اللحظة لا تزال ساعة لندن  تقف عند ذاك التوقيت المشؤوم وحبيبة جوريس التي اعتادت في سابق عهدها أن تكون فتاة يافعة مفعمة بالحياة قد  بلغت  من العمر الآن  ستين عاماً ....تحمل على وجهها الشاحب ستين ندبة.... وستين تجعيدة تغزو ملامحها ... اتخذت من شرفتها المطلة على الساعة  مجلساً  لها تراقب منه عقارب الساعة آملةََ أن تتحرك يوماً ما  ويعود جوريُس للحياة مرة أخرى.