القائمة الرئيسية

الصفحات

سارة ستار عبد الرضا/أننا مرايا مشوهة لطفولتنا/العراق

"أننا مرايا مشوهة لطفولتنا"

يقول:

كنت أحبذ أن أشهد لحظات تعذيبها وهو يضربها أكثر من استلقائي على السرير مترقباً انْتِهاء شِجَارهما، خِلاف أختي التي تطمر رأسها في الوسادة، كنعامة تنصت لصراخها وشتائمه. 

كنا نستيقظ على صراخها كل يوم، كمنبه ضُبِطَ على أن لا يسكت، ورغم الهلع الذي يشغل حواسي حينها، لم أكن أتوانى عن رؤيته وهو يضربها، إبصارها أمامي تقع أرضاً وتقف ثانية بدا أرحم من المكوث بعيداً أصغي لصوتِ بكائها فأتأكد بذلك أن أمي ما زالت حية...

ولفهم ما يختلج في تفكير أبي صرت أحدث دمية أختي مراراً، أدس دموعي بين ثنايا ثيابها وأصرخ بحرقة علّها تحضنّني ثم أركلها بقوةٍ، أصفعها وأشد شعرها، كنت أتوق لمعرفة كيف يشعر أبي؟ 

غير أنني لم أشعر بشيء!! 

خلت أن صراخ أمي وتوسلاتها هو ما يستهويه! 

تركت الدمى ولجأت لأصدقائي فعلت لهم ما فعلت للدمية بسبب أو دون أسباب، حتى أمسى لقب المجنون عالقاً بي كعلكة... 

مرت الأيام سريعاً ولم تشفَ كدمات أمي أو تتوقف عن الظهور، كان تعنيف أبي لأمي كالهواء والماء بالنسبة إليه، أما عقدة سؤالي فهي الأخرى لم تحل... 

حتى تزوجتْ، 

رغم أنها فرت سريعاً، لكنها ما زالت محفورة في صدري، هي وكدماتها الزرقاء، كانت قوية كالفولاذ... 

لم يكن لها عائلة كعائلة أمي الطلاق بالنسبة لهم خزيٌ وخطيئة لا تغفرها الأيام، عادت لكنف أسرتها، أسرتها الشرسة في وجهي، العطوفة في وجهها، تركتني أجوب الأزقة باحثاً عن جسد امرأة للتعذيب، تملك حنجرة لا تكف عن الصراخ، بشعرٍ طويل أشده، وعينين واسعتين باذختي الدموع وطفل يشاهد أباه يضرب أمه... 

يحدق بسياط أبيه جيداً، بقلبٍ يرتجف وذاكرة من حديد، يحفظ لكماتي وركلاتي جيداً؛ كي ينفذها هو الآخر مستقبلاً... 

أما أختي فغدت أم، أماً ليّنة ورائعة، لأطفال كثر لم ولن تنجبهم، أطفال من صنع مخيلتها تخشى إطلاقهم للواقع فيبكون حين تضرب أمهم.

#انتماء_للثقافة_والأدب



تعليقات

التنقل السريع