القائمة الرئيسية

الصفحات

بيان خالد حيزان/رسالة لن تصل/حلب

رسالة لن تصل..


 " بعد تفكير طويل ، وعميق ومحاولة لجمع أفكار عدة لكتب نص واحد او لربما إيصال رسالة من يتيم شعور ..

جفت محبرتي فملأتها بحبر دموعي ، وهنا كانت حروفي أكثر تعبيراً و صدقاً ..

عنونت نصي ورسالتي " رسالة يتيمة لن تصل "

وبدأت أبي وهنا بكيت بحرقة فكم أشتاق فمي لنطق هذه الكلمة المؤلفة من ثلاثة أحرف ، من نطق تلك الحروف السلسة و البسيطة وقول بابا ...

شعرت بغشاوة على قلبي وكان أنفاسي باتت تتقطع ، ودقات قلبي تقلصت بشدة ..

كأني أصارع الموت أو كأنني أكتب رسالتي على جدار قلبي ...

حاولت لملمت شتات قوتي ، وعدتها مرة ثانية ..أبي ..

سقط القلم من يدي وسقطت في الأرض جاثية باكية ..

كأنني صعقت برعد قوي أدناني بأسفل الأرض وعمقها ..

أفرغت جل ألمي بكيت بحرقة و قهر وخوف ..

حتى شعرت ببرودة عارمة ملأت جسدي النحيل الصغير ..

وخمدت نار الحزن والحقد في روحي ..

وقفت مرتجفة أمسكت كرسيي بسرعة كي لا أهوى على الأرض مجدداً.

وجلست وتناولت قلمي بيدي المزرقة من أثر ما حدث ..

وبللت قلمي بحبر وجعي ، وعدتها للمرة الثالثة ، أبي ...

وتساقطت حروفي جميعها وسطرت كاتبة :

أحبك يا غصة عمري الأبدية ...

يا سندي وسبب وجودي في دنيتي ...

يا مسيل دمعي و رصاصة حربي ...

يا غافلاً عن تعبي وتائهاً عن دربي ...

يا عاشقاً لمرتُ أبي ...وهنا أصبت بسكتةٍ يا إلهي أضعت ذمام الأمور ..

تماسكت بكامل قوتي ، وأكملت ...

أبي لربما الحياة ليست عادلة ، والقدر شيء ملازم لنا ولعله غير منصف في بعض الأمور ..

لكني أقف عاجزة عن لومك أو لوم القدر ، وتتكاثر أسئلتي لما ولما ولما ...

بعد صراعٍ لم يزول ولن يزول ...

كررت سؤالاً أصبت بالجنون ولمَ أجد له إجابة 

كيف لإمراة ان تسلب قلبك مننا أنا وإخوتي ...

كيف كيف كيف ، لدرجة ضربت نفسي بقسوة لعلي أصحو وأتقبل واقعي المرير ..

حاولت جاهدة يا أبي أن احافظ على وجودك بيننا وبقربنا ، لكنك اخترت طريقاً وبيتاً بعيدٌ عنا ...

ذهبت وتركتنا عصافير صغار لا جناحات لنا تطير وتنقذنا من بشاعة ما نعيشه ، بقينا بلا حيلة وقوة بلا سند ...

كبرنا كل يوم ونحن نرى أمي تحارب كل الظروف لكي تؤمن لنا عيشة هنية ، لكي لاتنقص علينا اي حاجة نريدها ...

أرى خطوط الكبر تترسم على وجهها يوماً بعد يوم ، واللون الأبيض يغزو خصلات شعرها الحرير ...

ولأنني أكبر أخوتي عمراً ، كنت مدركة لأنينها في كل ليلة خوفاً علينا وتعباً من كثر الضغوط على أكتافها ..

وللأسف لا سبيل لي لإنقاذها سوى الدعاء والبكاء ، وفعل ما ينال رضاها...أضم نفسي لكي أستطيع النوم والهرب من ضجيج هذه الأفكار المحرقة...

فأصحو على كوابيس من لقاء بك وبمعشوقتك الغبية الظالمة ...

دعني أخبرك بإمر بأنك الوحيد الذي جعل لي عدوةً في الدنيا ..

والله لو بإمكاني قتلها بأقبح الطرق وحرق جثتها لكي تصبح رماداً لن أقصر ، لو بإستطاعي رمي سهامي جميعها في ظهرها وأذقيها ألم الطعن في الظهر ...

لكنك كنت البطل المحامي لها في ساحة المعركة المعتمة ...

ورميتنا جميعنا لكي تفوز بقربها ...

لطالما الله أوصانا بنول الرضا من الوالدين ، ولطالما حاولت كثيراً على كسب رضاك ..

ولطالما حدث عن دور الأب تجاه أبنائه ..

لهذا أنا لست خائفة ، فالله يعلم ما حدث ...

ويعلم حالتي و حاجتي لقربك ووجودك ، ويعلم بضعفي ..

أبي ، لا أعلم لما هذه الرسالة ، لكنني احاول أن أفرغ ما بداخلي خوفاً من الوصول للحظة الانتحار ..

حينها عند كرسيي هذا سأشنق نفسي تخلصاً من جحيم ظلمك وهجرك ..

واختمها قائلة لعلك ستراها ...

" لو كان أبي هنا ، يسند كرسيي لما كنت انتحرت " ..

#انتماء_للثقافة_والأدب

تعليقات

التنقل السريع